كاليجولا الأميركية.. ديمقراطية الطغيان والاجرام  ـ سعيد عيتاني

الإثنين 25 شباط , 2019 01:16 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

قد يكون "السيد" الأميركي، لا يرى من تجارب التاريخ والحضارات إلاّ التجربة الرومانية للإمبراطور كاليجولا الذي حكم من سنة 37 إلى 41م، ويوصف بأشهر طاغية في التاريخ.

في السيرة الوحشية للإمبريالية الأميركية، حروب ودمار وقتل لنشر القيم الرأسمالية الاستيطانية والاستعمارية، تماماً على طريقة الأمبراطور كاليجولا الذي أصبح نموذجاً في الشر والغباء وجنون العظمة المجسمة في هيئة رجل، وكنتيجة طبيعية لهذه الصفات استبدت به فكرة أنه إله على الأرض، فراح يشعر بأن هذا العالم مُسخر له ولخدمته ويحلو له أن يفعل به ما يشاء، فقام ببناء تماثيل ضخمة لنفسه في الهيكل داخل مدينة أورشليم، وأمر من كان يسكن بها بعبادتها، كما قام بنقل بعض الآثار الفرعونية من مصر إلى مناطق أخرى واستبدالها بمعابد له وبعد أن أمر بقتل جميع من هم (صلع) لأنه يكرههم رغم أنه كان اصلع، أراد أن يشعر بجبروته وسلطته أكثر، فنظر إلى السماء ليلاً ووجد القمر بدراً، فشعر بأن القمر ليس من ضمن ممتلكاته فأمر حراسه بإحضار القمر إليه! عجز الحراس عن فعل ذلك فدخل في موجة من الحزن الشديد، وكثيراً ما كان يبكي بسبب هذه الحادثة، بالرغم من كل عظمته وقوته فإنه لا يستطيع أن يمتلك القمر!

أبرز مظاهر جنون هذه الشخصية هو ما فعله عندما وجد أن فترة توليه الحكم كانت خالية من المجاعات والأوبئة وبذلك لن يتذكره أحد من الأجيال القادمة لعدم حدوث كوارث في عهده، فقام بإحداث مجاعة بنفسه في روما إذ أغلق جميع مخازن الغذاء واستمتع بمشاهدة الناس يموتون ببطء، وقال جملته الشهيرة: "سأكون أنا بديلاً لكم عن الطاعون".

إضافة للوحشية المُفرطة كان للغباء دور مهم أيضاً في شخصية هذا المتغطرس، ففي أحد الأيام دخل إلى مجلس الشيوخ ممتطياً صهوة جواده، العزيز "تانتوس" معلناً جواده عضواً في مجلس الشيوخ!

لم يرض كاليجولا أن يمر هذا الحدث العظيم دون احتفال، فقرر إقامة مأدبة طعام لتعيين جواده رسمياً كعضو في المجلس يوم الحفل فوجئ الجميع من هول ما شاهدوه، إذ كانت المأدبة ما هي إلا مأدبة تبن وشعير مُلئت بها جميع الأطباق! شاهد كاليجولا ملامح الدهشة على وجوههم فقال متغطرساً: "إنه لشرف كبير أن تأكلوا مثلما يأكل جوادي".

لم يتوقف غبائه عند هذا الحد فقد حرك جيشاً من قواته وكان هو بنفسه على رأسهم، وأمر جميع الجنود بالبحث عن الصدف وجمعهم، و حين عاد أخبر السكان وأفراد حاشيته بأنه خاض معركة مع إله البحر وانتصر عليه واستطاع أن يحضر هذه الأصداف كدليل على فوزه بالمعركة.

الديمقراطية التي تنشدها الولايات المتحدة، هي تماماً على طريقة كاليجولا، وهكذا، واشنطن تتغاضى عن قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان في الخليج، مقابل مصالحها، لكنها في المقابل تصَّعد من عدوانيتها على البلدان التي تتميز بالديمقراطية وتداول السلطة، إذا لم تأت نتائج الديمقراطية وفق ما تشتهيه، هكذا ترفض نتائج العملية الديمقراطية في فنزويلا، وقبلها كانت قد رفضها في التشيلي والتي أوصلت المناضل سلفادور اللندي إلى رئاسة الدولة، فقادت في مطلع السبعينات انقلاباً عسكرياً دموياً، أودى بحياة مئات الآف التشيليين.

وهكذا وقفت ضد حزب العمال البرازيلي فعملت على الإطاحة بالرئيسة المنتخبة ومنعت المناضل لولادي سيلفا من الترشيح، وفرضت بما يشبه انقلاب السجن على دي سيلفا.. وعلى هذا النحو يهدد اليانكي اليوم كوبا ونيكارغوا وبوليفيا.

وتحت ذريعة الديمقراطية نفذت الولايات المتحدة غزوها الدموي للعراق، حيث تسببت بقتل وتشريد ملايين العراقيين وإطلاق اوسع عمليات النهب والفساد في هذا البلد العريق.

وعلى هذا النحو وفي إطار مشروع "الشرق الاوسط الجديد"، دعمت كل اشكال الإرهاب التكفيري ضد الدولة الوطنية السورية، دون أن ننسى ما فعلت في ليبيا واليمن والصومال، لأن همها الوحيد هيمنتها على العالم، وتكريس الدولة العبرية، التي تحاول الإدارة الأميركية تجسيدها، باكذوبة "صفقة القرن" لأن همها الوحيد هو الغاء فلسطين والفلسطينيين.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل