الشمال السوري .. "منطقة آمنة" أو خطة لتقسيم سورية؟ ـ ليلى نقولا

الإثنين 25 شباط , 2019 10:01 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

كما كان متوقعًا، تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن سحب كامل الجنود الأميركيين من سوريا، وأعلن الموافقة على خطة إبقاء مئات العناصر هناك، خاصة في منطقة التنف. وأكدت وزارة الدفاع الأميركية أنها ستبقي على قوة عسكرية في سوريا يقسم أفرادها بين المنطقة الآمنة التي يجرى التفاوض حولها في شمال شرق سوريا، وبين القاعدة الأميركية في التنف قرب الحدود مع العراق والأردن.

بالأساس، بالغ الرئيس ترامب في تفاؤله بشأت الترتيبات الممكن اتخاذها لتأمين إنسحاب سلس من الأراضي السورية، فاتصل بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأبلغه: "كل سوريا لك"، وأعلن رغبته في سحب الجنود الأميركيين بأسرع وقت ممكن.

وكما كنا نتوقع، إن "الهدية" التي حاول ترامب إعطاءها لأردوغان، هي هدية مسمومة وتشكّل فخًا لأردوغان، وذلك لأسباب عدّة أهمها:

- أولاً، الأراضي التي يحاول ترامب ان يعطيها لأردوغان هي أراضٍ سورية وليست أميركية لكي يمنحها ترامب لأي كان، ولم تتنازل الدولة السورية عن تلك الأرض، وما زالت الحكومة السورية تعلن نيّتها تحريرها واستعادتها مهما كانت الأثمان.

ثانيًا، يدرك أردوغان وترامب قبله، إن التركي لا يستطيع أن يتحرك في سوريا دون موافقة الروس. وعليه، لن يقبل الروس المتحالفين مع كل من الأكراد والرئيس السوري بشار الأسد بإقامة "منطقة آمنة" يطمح اليها أردوغان ويسوّق لها الأوروبيون.

ثالثًا، من الطبيعي أن يحاول الأميركيون حماية القوات الكردية التي يعتبرها أدروغان "ارهابية" ويود التخلص منها، ليس حبًا بالأكراد ولا وفاءً لتضحياتهم في قتال "داعش"، ولكن بالضبط لئلا يضطر الاكراد للتحالف مع الرئيس السوري بشار الأسد، فيسلمونه الأراضي السورية التي يسيطرون عليها.

بكل الأحوال، إن عدد الجنود الأميركيين الذين سيبقون في سوريا لا يتخطى المئات، ما يعني عدم قدرتهم على تشكيل قوة أمنية لحماية منطقة شاسعة تضم نفط وغاز ويشكّل الأكراد فيها أقلية... ولكن يبدو أن ترامب يريد أن يشكّل بقاء هؤلاء الجنود حافزًا لكل من فرنسا وبريطانيا لإبقاء جنودهم هناك بعد الإنسحاب الأميركي، أو تشجيع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على إرسال جنود ليحلوا مكان القوات الأميركية المنسحبة، ولكن دون هذا عقبات عدّة ولا يبدو أن الأوروبيين مستعدون لهذا الأمر، حيث أكد مسؤول أميركي على إجماع الحلفاء على عدم البقاء في سوريا في حال انسحاب واشنطن.

أما بالنسبة لقاعدة التنف، فيعتقد الاستراتيجيون الأميركيون ضرورة الإبقاء على تلك القاعدة  لأهميتها بالنسبة لإحتواء إيران ونفوذها الاقليمي في المنطقة.

في المحصلة، وسواء سميت "المنطقة الآمنة"، أو تمت تسميتها "الإدارة الذاتية" أو سواها، يبدو أن الأميركيين- وبدعم اوروبي- لم يتخلوا عن فكرة تقسيم سوريا. وبالرغم من تبدل المعطيات على الأرض، فأن ذلك لم يغيّر في خطة التقسيم الغربية بل في جغرافية التقسيم التي انحصرت في الشمال والشمال الشرقي السوري، حيث يتم اقتطاع جزء لإعطائه للأكراد، وجزء آخر لتشكيل منطقة سنّية معارضة يكون تحت الاحتلال التركي المباشر... وإن حصل هذا التقسيم بالفعل، فذلك سيشكّل خطرًا كبيرًا على لبنان والمنطقة ككل.

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل